رياضة الكونغ فو

تُشير كلمة "كونغ" إلى العمل الدؤوب أو التدريب الشاقّ، بينما تُشير كلمة "فو" إلى الوقت المُستغرق في أداء هذا العمل، وقد استخدم هذا المصطلح بصفة عامة للتعبير عن فنون الدفاع عن النفس الصينية، وتُعدّ رياضة الكونغ فو من رياضات الفنون القتالية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالبعد الروحاني المتأصّل من العمق والتركيز إلى جانب التدريب على القتال غير المسلّح كحال رياضة التايكوندو والكراتيه، بالإضافة إلى استنادها في أساليب حركاتها إلى توظيف الهيكل العظمي والعضلي بدقة وِفق حركات مدروسة أثناء الأداء، حيث تتعدّد أساليبها التي هي في الأصل محاكاة لأساليب القتال مع الحيوانات، ويعود أصل هذه الرياضة إلى ما قبل الميلاد إلى سلالة زو الحاكمة، حيث كانت تستخدمها الديانة الطاوية كتقليد ديني في القرن الخامس قبل الميلاد، وفي الوقت الحالي لا تقتصر ممارسة رياضة الكونغ فو على الثقافة الصينية وحسب؛ بل انتشرت في ثقافات متعددة حول العالم. [١][٢]


ما هو زي الكونغ فو؟

يختلف الزيّ المستخدم في رياضة الكونغ فو عن الزي المستخدم في باقي فنون الدفاع عن النفس الأخرى، ولعلّ أهمّ فارق هو استخدام الأوشحة بدلاً من الأحزمة الملونة، كما يتميّز زي الكونغ فو بعدم تقييده لحركة الجسم أثناء الأداء، حيث يقتصر على ارتداء الشخص للبنطال، والقميص، والوشاح، كما يختلف الزي قليلاً باختلاف الثقافات والبيئات المتعددة، كالتأثير على طول الأكمام، وطريقة التصميم وغيرها من التفاصيل الأخرى، وفيما يأتي توضيح لأجزاء زي الكونغ فو:[٣]

  • القميص: تأتي قمصان زيّ الكونغ فو بتصميمين؛ أحدهما طويل الأكمام والآخر بدون أكمام، كما يوجد نوع ثالث من قمصان الكونغ فو غير شائع الاستخدام وتكون بأكمام قصيرة، وتتميّز قمصان الكونغ فو عن قمصان الكراتيه بطريقة إغلاق أزرارها؛ حيث تعتمد أزرار قمصان الكونغ فو على وجود حلقة لإدخالها.
  • البنطال: تتطابق البناطيل عادةً مع نمط القميص نفسه بالتصميم، كما تكون عادةً واسعةً وخفيفة الوزن للسماح للجسم بالحركة أثناء اللعب دون تقييد، ويختلف بنطال الكونغ فو عن بنطال الكراتيه بأنّه يمتلك مرونةً كافية حول كاحل القدم.


يُصنع زيّ الكونغ فو من أنواع مختلفة من القماش، ويشيع استخدام الحرير والقطن بشكلٍ كبير دوناً عن باقي أنواع الأقمشة الأخرى، ويكون الزي القطني مناسباً أكثر في تمارين التدريب، بينما يقتصر الزيّ الحريري على المسابقات والتحديات حرصاً على جلب الأنظار، كما يختلف الزيّ حسب تصميمه؛ فيُمكن أن يكون ذو تصميم بسيط أو تصميم معقّد، فتظهر التصاميم البسيطة بلون موّحد لكامل الزي، بينما تكون التصاميم المعقدة مطرّزة بالزخارف الملونة والأشكال الشائعة كالتنين، والثعابين، والزهور، والفنون الصينية المختلفة.[٣]


ما هو نظام الأحزمة في رياضة الكونغ فو؟

اعتُمد نظام الأحزمة الملون في بداية القرن العشرين في اليابان، لينطلق حينها إلى كافة أرجاء العالم في رياضات الدفاع عن النفس، وقد كانت رياضة الكونغ فو تستخدم الوشاح على الخصر لحماية اللاعب أثناء التدريب قبل اعتمادها على الأحزمة الملوّنة والتي تُشير بدورها إلى مستوى تطور اللاعب وتقدمه، وفيما يأتي شرح تفصيلي لنظام الأحزمة الملونة:[٤]

  • الحزام الأبيض: يرمز اللون الأبيض إلى البداية الجديدة، ويكون اللاعب هنا في بداية مسيرته وفي مرحلة تطوير مهاراته المختلفة، كالثقة بالنفس، والقوة، والمرونة، والقدرة على التحمل، ما يُمكّن اللاعب في هذه المرحلة من التفوّق على أيّ لاعب غير مدرب.[٥]
  • الحزام الأصفر: يرمز اللون الأصفر إلى الفضول في بداية تعلّم المهارات الجديدة، ويشير تحقيق اللاعب للحزام الأصفر إلى الاجتهاد في أصعب مراحل تدريب الكونغ فو، وتعلّم الأساسيات المهمة قبل الانطلاق إلى برامج التدريب المتقدمة.[٥][٤]
  • الحزام البرتقالي: يمتلك اللاعب مهارات متقدمة عند ارتداء الحزام البرتقالي، ويرمز اللون البرتقالي إلى الطاقة والحماس، إذ يكون اللاعب في رغبة دائمة لتعلّم المزيد والتمارين المتقدمة.[٥][٤]
  • الحزام الأخضر: يكون اللاعب عند تحقيقه للحزام الأخضر في طور قوّته الجسدية، بالإضافة إلى امتلاكه قدراً كبيراً من النضج والعقلانية، كما يبدأ الاستعداد للتمرّن على حركات الكونغ فو المتقدمة بدءًا من هذه المرحلة، ويُشير اللون الأخضر عادةً إلى الازدهار، والنمو، والحياة.[٥][٤]
  • الحزام الأزرق: تتطوّر مهارات اللاعب عند تحقيقه للحزام الأزرق، خاصةً المهارات العقلية، وضبط النفس، والتركيز وغيرها من القدرات العقلية والجسدية أيضاً، كما يصل اللاعب إلى درجة عالية من إتقان الحركات وتقنيات الكونغ فو وفهمها بطريقة ناضجة، ويركز اللون الأزرق عادةً إلى الهدوء والفهم وهذا ما يكون عليه حال اللاعب في هذه المرحلة تحديداً.[٥][٤]
  • الحزام الأرجواني: يكون اللاعب في هذه المرحلة على قدر عالٍ من إتقان الحركات وفهمها، مع وصوله إلى درجة الثقة بالنفس التي تُمكّنه من التطلّع إلى الأحزمة الأعلى ترتيباً وتحقيق مراتب عليا في رياضة الكونغ فو، ويرمز اللون الأرجواني إلى الطموح والتطلّع.[٤]
  • الحزام البني: يكون اللاعب خبيراً في رياضة الكونغ فو بمجرد تحقيقه للحزام البني، أيّ يُحقق معرفةً كافية لحركات ومهارات الكونغ فو ممّا يُمكّنه من تعليمها لغيره، إذ يُشير اللون البني عادةً إلى الجدية والمسؤولية وهذا ما يقع على عاتق حامل الحزام البني تجاه تلاميذه.[٥][٤]
  • الحزام الأسود: يمتلك صاحب الحزام الأسود أقصى درجات الخبرة والمعرفة في رياضة الكونغ فو، ويرمز اللون الأسود إلى السلطة ما يعني أنّ اللاعب في هذه المرحلة متقناً محترفاً في رياضة الكونغ فو.[٥][٤]
  • الحزام الأحمر: يرمز اللون الأحمر في عالم الكونغ فو إلى القيادة، ما يعني أنّ صاحب الحزام الأحمر يكون مدرساً وقائداً معتمداً لهذه الرياضة، وهي أعلى درجات الاحترافية فيها.[٤]


ما هي حركات الكونغ فو الأساسية؟

يحتاج المتدرب على رياضة الكونغ فو إلى معرفة كافّة التفاصيل في الحركات الأساسية فيها، سواء كانت ركلاتها، أو وقفاتها، أو لكماتها، وفيما يأتي توضيح لأهم هذه الحركات الرئيسية:


وقفات الكونغ فو

  • وقفة الحصان: تُعتبر وقفة الحصان أولى الوقفات التي سيتعلّمها لاعب الكونغ فو في دروسه؛ وذلك بسبب سهولة أداءها، ويكون بوقوف اللاعب وإبعاد قدميه بقدر المسافة بين كتفيه، ثمّ ثني الركبتين والجلوس على الجسم، حيث تُساعد هذه الوقفة على تقوية الساقين، وتحقيق الاسترخاء الكافي قبل ممارسة باقي الحركات.[٦]
  • الوقفة الأمامية: تُساعد هذه الوقفة على توليد الطاقة وتحريك اللاعب بشكلٍ متكرر إلى الأمام، وهي من أهمّ وقفات رياضة الكونغ فو في نمط شاولين، وتكون بوضع وزن الجسم على الساق الأمامية، مع ثني ركبة القدم الأمامية واستقامة الساق الخلفية، كما يُطلق على هذه الوقفة اسم وقفة القوس وذلك لأنّها تشبه إلى حدّ ما شكل القوس.[٦]
  • وقفة القط: يشيع استخدام هذه الوقفة في حالات التحرك الكثيرة والتنقل من مكان إلى آخر، حيث يكون الوزن على الساق الخلفية، مع ارتكاز القدم الأمامية على إصبع القدم، ويشبه حال القدم الأمامية تماماً حال مخلب القط عند تحركه لحركة ما.[٦]
  • الوقفة الملتوية: يكون حال الساقين في هذه الوقفة ملتويتين، كما يتم قلب القدم الأمامية إلى الخارج، واستناد القدم الخلفية على كعب القدم، وتستخدم هذه الوقفة لتغيير وضع الجسم، لتغيير اتجاهات الجسم.[٦]
  • وقفة الرافعة: وتكون بوقوف اللاعب على ساق واحدة، ما يجعل الجسم متوازناً أكثر، ويمكن استخدام هذه الوقفة لركل الخصم أو لتفادي الهجمات.[٦]


لكمات الكونغ فو

  • لكمة شاولين كونغ فو: وهي من أنظمة فنون القتال الدفاعية التي تمّ تطويرها من قِبل الرهبان البوذيين، والتي تركز على النمو العقلي والروحاني أثناء ممارسة الكونغ فو، وتغيّرت تقنيّاتها عبر السنين وأصبحت تشمل تقنيات جديدة مستوحاة من الحيوانات والتنين الأسطوري.[٧]
  • لكمة نمط التنين: تأتي لكمة نمط التنين كردّة فعل لضرب الخصم بعد هجومه في أكبر نقطة ضعف لديه، فهي تشبه حركة التنين بانسيابيتها وخفّتها في البداية، ثمّ يضرب اللاعب خصمه بشكلٍ عدواني.[٧]
  • لكمة مخلب التنين: وتكون باستخدام اللاعب لأصبعه الإبهام، والسبابة، والأوسط ولفّهم معاً على شكل كمّاشة واستخدامهم في الإمساك بأوتار وأربطة الخصم ونقاط ضعفه.[٧]


ركلات الكونغ فو

  • الركلة الجانبية: سميّت بهذا الاسم لأن اللاعب يميل بجسمه إلى الجانب لتنفيذ الركلة، ويركل اللاعب بقدمه باستخدامه للكعب وليس حافة القدم، مع حماية الفخذ أثناء الركل.[٨]
  • ركلة الدفع: وهي ركلة أمامية تسمّى بمصطلح "تقديم الحصان الأبيض للحافر" ويستخدم فيها اللاعب كعبه وليس كامل قدمه.[٨]
  • ركلة التراجع: وتكون هذه الركلة بدفع الساق الخلفية، وتُفيد عند دفع الخصم للاعب بهجمة مفاجئة.[٨]
  • ركلة البحث عن الأعضاء: وهي ركلة مميتة يطلق عليها اسم الركلة المفاجئة، وذلك لأنّ مكان انطلاق الركلة هو من ركبة اللاعب، كما تسمّى بمصطلح "مياه شرب الطيور الصفراء".[٨]
  • ركلة الزوبعة: يتمّ استخدام اليد في هذه الركلة لحماية الفخذ واستخدام اليد الأخرى لحماية الضلوع، وتسمّى هذه الركلة بمصطلح "شجرة ركلات القرد المشاغب".[٨]
  • ركلة السماء: وهي من الركلات نادرة الاستخدام في رياضة الكونغ فو، إذ إنّها تُعدّ من الركلات الخطرة نظراً لارتفاع مداها، ويُمكن استخدامها في حالات معيّنة كحالة قفز الخصم على اللاعب بشكلٍ مفاجئ وحمله لسكين حاد.[٨]


أساليب الكونغ فو العامة

تتعدّد أساليب رياضة الكونغ فو بشكلٍ كبير لا يُمكن إحصاؤه، إذ تشترك كلّ مجموعة منها بنمط معيّن يُحدّده معيار مختلف؛ كالمعيار الديني أو الجغرافي وغيرها، وفيما يأتي أهمّ أساليب رياضة الكونغ فو العامة:[٩]

  • أسلوب شاولين: وهو من الأساليب القديمة التي نشأت قبل 1500 سنة قبل الميلاد في دير شاولين، وهي من أكثر الأساليب تعقيداً وتميّزاً، كما أنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتعاليم الديانة البوذية، وتتعدد الركلات، والوقفات، واللكمات التابعة لها، والتي يتمّ تطويرها والتنويع في أساليب تدريسها مع الزمن.
  • أسلوب يونغ تشون: وهو من الأساليب التي نشأت في جنوب الصين قبل 300 سنة، وقد تمّ تأسيس حركاتها على يد امرأتين، وقد سمّي على اسم إحداهما، كما يعتمد هذا الأسلوب على مواجهة الخصم وقتاله من مسافة قريبة، كما يستخدم عدداً من حركات التموضع، وانحراف الجسم، واستخدام الحواس لتوجيه اللكمات والركلات للخصم.
  • أسلوب تاي تشي: وهو أشهر الأساليب على الإطلاق، كما أنّه يحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم على الرغم من ظهوره في غضون أقل من مئة عام، وهو من الأساليب الداخلية التي تشتهر حركاته ببطئها وخفّتها، وتركيزها على التنفس، ووعي اللاعب، إذ إنّها تدعم الصحة الجسدية للشخص وتمّده باللياقة البدينة الكافية.
  • أسلوب باغوازانغ: وهو من أساليب الكونغ فو الداخلية والمتأثر بالفلسفة الطاوية، إذ يقوم على مبدأ التحرك بهدوء وبطء وسلاسة، والتحرك بشكلٍ دائري، بالإضافة إلى العديد من التقنيات المميزة.
  • أسلوب باجيكوان: وهو من الأساليب التي نشأت في مقاطعة هيبي الصينية، ويُعرف أيضاً باسم أسلوب "قبضة الأطراف الثمانية"، إذ يعتمد على توجيه الضربات بواسطة الكوع، وتوجيه اللكمات القوية باستخدام الأكتاف والأذرع، كما يُسمّى باسم أسلوب الحارس الشخصي؛ نظراً لممارسة الحرس الشخصي لحركاته.


أساليب الكونغ فو المأخوذة من الحيوانات

يوجد العديد من أساليب رياضة الكونغ فو والتي تعتمد بشكلٍ كلّي على حركات بعض الحيوانات، ومنها ما يأتي:[١٠]

  • أسلوب الببر: يتميّز أسلوب الببر بأخذ حركات القوة وخفة الحركة من حيوان الببر، حيث يُعتبر الببر أحد أقوى حيوانين في علم التنجيم الصيني، كما يتطلّب هذا الأسلوب وجود البنية الصلبة، وسرعة الاستجابة، وسرعة التغيير إلى وضعية أخرى.
  • أسلوب النمر: يتميّز هذا الأسلوب بالقوة والفعالية، والسرعة في الهجوم على الخصم، إذ تعتمد استراتيجيته على توجيه الضربات السريعة لإلحاق الألم بالخصم، كما يتطلّب قدرة بنيانية قوية، ومرونة كافية لإرجاع الذراعين والساقين بشكلٍ سريع بعد تلقّي الضربة.
  • أسلوب الثعبان: يعتمد أسلوب الثعبان على الإدراك وتوظيف حركات حيوان الثعبان في الترهيب، كما تتطلّب أن يكون جسم اللاعب نحيفاً ويمتلك عضلات لها القدرة على الاستجابة بسرعة.
  • أسلوب التنين: وهو من الأساليب نادرة الاستخدام، إذ يعتمد على القوة والذكاء والتحرك بحركات لا يُمكن التنبؤ بها، كما يستخدم اللاعب في هذا الأسلوب الركلات السريعة الخاطفة، ويتطلّب تحرّك اللاعب من الحركات الخفيفة اللينة إلى الحركات القوية الصعبة.


المراجع

  1. "Kung fu", britannica, 24/10/2017, Retrieved 27/6/2021. Edited.
  2. "Kung Fu: Its Real Meaning", clearwaterkungfu, Retrieved 27/6/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Kung Fu Uniforms", intershapewingchun, Retrieved 27/6/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "Kung Fu Belt System", kungfuwestisland, Retrieved 29/6/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Kung Fu Belt System", kungfuforlife, Retrieved 29/6/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث ج "Shaolin Kung Fu Stances", spiritdragoninstitute, Retrieved 30/6/2021. Edited.
  7. ^ أ ب ت Henry Halse (16/11/2018), "How to Learn Dragon Style Kung Fu Movements", sportsrec, Retrieved 29/6/2021. Edited.
  8. ^ أ ب ت ث ج ح "FIVE BASIC KICKS", shaolin, Retrieved 29/6/2021. Edited.
  9. Shirley Li, "The Main Different Kung Fu Styles", chinaeducationaltours, Retrieved 30/6/2021. Edited.
  10. "The 5 Kung Fu Animal Styles of the Chinese Martial Arts", blackbeltmag, 21/3/2011, Retrieved 30/6/2021. Edited.